كيف تنقذون أولادكم من الإنتحار
من أفظع اللحظات التي يمكن أن تمر علي الإنسان هي اللحظات الأخيرة لإنسان محكوم عليه بالإعدام ..
تلك اللحظات التي يترقب فيها دخول السجان عليه ومعه الفريق الذى سيقوم بتنفيذ حكم الإعدام فيه ..
أن نظرته للدنيا تختلف عن نظرة أى إنسان آخر ..كل شيئ حوله يرتجف.. الحوائط ..السقف ..الأرض .. كل شيء يهتز وليس جسده فقط ..
إنها نظرة مودع ..
يتحسس رقبته ويتخيل كيف ستتعلق رقبته فى المشنقة بعد دقائق معدوده ..وإنه بعد تلك الدقائق المعدودة ستنقطع علاقته بالدنيا ومن فيها ..
وينتابه الرعب وهو يفكر.. تري ما هي كمية الآلام التى سيشعر بها عندما يتعلق من رقبته ,وتتمزق كل عروقه وشرايينه وتختنق حنجرته عصرا , ويحتضر وهو معلق على خشبه ..
وبرغم كل ذلك يتبقي فى داخله خيط أمل لشيء ربما يحدث سينقذه فى اللحظة الاخيرة ..
وتبدأ تصرفاته تأخذ شكلا غير متزنا ,وأي فعل غريب يصدر منه عند لحظة الإعدام يضعه الناس تحت بند ( حلاوة الروح )
وهنا يقفز هذا السؤال إلى الذهن ..
تلك الروح الغالىة كيف يضحي بها إنسان وينتحر ..
ما الذي يجعل إنسانا حرا يقدم علي الإنتحار بكامل إرادته ..
لماذا يختار أن يعدم روحه بيده ..ويخسر حياته ..ويضحي بدنياه وعمره وأحلامه وحلاوة الروح التي فيه..
والإجابة في كلمة وأحدة .. فقدان الأمل ..
إن المنتحر لا يأخذ قرار الإنتحار إلا عندما يفقد الأمل ..ولو كان متبقٍ لديه شعاع أمل وأحد , ولو أمل بسيط لقام بتأجيل فكرة الإنتحار ..ولتمسك بالحياة ..
إن الخذلان والىأس والظلام النفسي وعدم وجود بارقة أمل هم الوقود الذي يجعل الإنسان يشتعل داخليا وينطلق نحو الموت ليتخلص من كل تلك الآلام ..
وخاصة اذا كان الخذلان حدث له من الأرض ومن السماء في نفس الوقت ..
إن الإنتحار لا علاقة له بنقص الاسباب المادية أو وفرتها .. فأنت تري غنيا ينتحر وفقيرا ينتحر .. وإن كان الأغنياء والمترفون ينتحرون أكثر ..
ولكن عندما يتعرض الإنسان للصدمات والخذلان من أهل الأرض ..فيتجه للاعتراض علي أهل السماء وعلي الأقدار .. ويقع في الاعتراض علي الله ذاته ولو باطنيا باللوم والعتاب .. ويتصور أن السماء أيضا خذلته .. وهو تصور في ذهنه فقط لا علاقة له بالواقع ..وغالبا إن من يعترض علي الله لابد أن ينتحر في النهاية لأنه يصدم رأسه في حجر القدر الأزلي, وحجر القدر مظلم كئيب..صلابته قاتلة ..
فالمعترض يلقي بنفسه في قعر بئر الحزن فيصبح حزينا لا أمل له في شيئ ,ولا يجذبه شئ الا الموت فلابد عندها ان ينهي حياته بيديه..
ومع ظهور الفكرة الإلحادية التي تشكك الناس في أن هناك شيئ آخر بعد الموت يسمي بعث أو جزاء ,وتري أن الإنسان آخره الحفرة ثم لا شيئ .. نتيجة هذه النظرة السوداوية للموت وللحياة والتى ظن بها الملحد أنه قد أحاط بكل الموضوع ..النتيجة أن الملحد ذاته يموت من داخله على الفور بمجرد أن تكتمل بداخله أركان هذه النظرية .
فقد حصر الملحد حياته في بضع سنوات قليلة يعيشها على هذه الأرض وبالطبع سرعان ما تمر.. وبعدها فليس أمامه سوي الحفرة ثم لا شئ علي حد اعتقاده , ولذلك ينقسم الملحد إلى شخصين ..
شخص يلهث ويتصارع بكل قوة على الفوز بأكبر قدر من ملذات هذه الحياة قبل أن يغادرها , وقد ينجح في ذلك ..وقد يفشل وهو الأكثر ..وسأعرض الناتج في الحالتين ..حالة النجاح وحالة الفشل ..
أما الحالة الأولي فالنتيجة الحتميه أنه إذا نجح في تحقيق كل الامانى والشهوات أنه سيشعر بعدها بالملل والسأم من كل هذه الملذات,فكل أنواع الجنس والشذوذ قد مارسها ولم يعد هناك ما يثيره ,وجميع أصناف الأطعمة قد شبع منها حتى سأم طعمها , كل أنواع الخمور والمخدرات قد تناولها حتى أصبحت مع الوقت باهتة فاترة لا تؤثر فيه تأثيرها الأول ,وتحولت إلى سموم في الجسم ومصارعة مع الوعي حتى تغلبه ..
الفلسلفات نهايتها عبثية , والأفكار مهما اختلفت نتيجتها وأحدة , ولم يعد هناك جديد. فلا يبقي له سوي الدخول إلى حالة اكتئاب شديد تفضي به إلى الإنتحار وأن يهجم بنفسه على هذا الموت قبل أن يهاجمه ..
وأما الحالة الثانية وهي الأكثر والأعم وهو الشخص الذي يفشل في تحقيق هذه الملذات والمتع الدنيوية وتنقضي أيامه في الصراع عليها والإهانة من أجلها دون جدوي.. فإنه يعيش بائسا , مرعوبا من هذا الىوم الذي سوف يقضي علي حياته فيه ويدخل الحفرة قبل ان يحقق ربع ما يتمناه علي الأرض لا سيما أنه ليست أمامه فرصة ثانية للتعويض ..
فلا هو ممن فاز بملذات الأرض, ولا هو ممن لديه أمل فى ملذات السماء , فتخترقه حسرة لا مثيل لها , والأيام تمر به مسرعة ,والدود ينتظره في حفرته, والكارثه أنه يدرك أن تلك هى النهاية المحتومة وأن سنواته الفاشلة علي الأرض هي القصة وما فيها ,ولا شيئ آخر بعد ذلك ..
وهذا الشخص أيضا يتسبب له شعور الحسرة والفشل في اكتئاب رهيب, وحسرة انطوائية مميتة ..لا حل للتخلص منها سوي بالإنتحار ..
إذن نتيجة هذه النظرية شخصان .. شخص مريض بالملل .. والثاني مريض بالفشل .. وكلاهما يفكر في الإنتحار .
ولذلك أري أن أكثر المنتحرين هم مرضي نفسيا .. لكن علاجهم ليس بالتردد علي عيادات الطب النفسي .. فأكثر من انتحر كان زبونا دائما عند الطبيب النفسي ..
وانما علاجهم بأمرين .. الأول هو زراعة الأمل .. والثاني هم التخويف ..
أما زراعة الأمل فهو إحياء الهدف الذى من أجله سيرغب في أن تستمر حياته ..وأي أمل سواء كان أملا في مستقبله أو في عاطفته أو في شفاءه هو مرتبط بالايمان بالله ومعرفته معرفة حقيقية علي أنه رب رحيم ,وحنان, وعادل, يصنع من المبتلين والمعذبين أبطالا ومثلا عليا ..
وأما التخويف فالمقصود به هو تخويف المنتحر من مصيره بعد الموت .. فإننا اذا قلنا للمنتحر أنت معذور فيما ستقدم عليه وأنت مريض نفسيا ولن يحاسبك الله ..فمعني ذلك الكلام أننا نقول له هيا علي بكرة الله -روح ارمي نفسك في البحر –
وبعدها سنجد المنتحرين بالملايين في كل يوم ولن نقدر علي إحصائهم من كثرة عددهم حولنا ..
وهذا ليس من الفهم ولا من العلاج في شيئ فليس كل ما يعرف يقال ..
ولذلك أرى أن حديث النبي الذى يهدد المنتحرين ويخوفهم من مصيرهم هو أبلغ علاج ,وهو أروع ما خاطبت به السماء شخصية المنتحر ..مع أن معظم الآنبياء وأكثر الكتب السماوية لم تتعرض لهذا الموضوع ..
وذلك عندما يقول النبي ﷺ (من قتل نفسه بحديدة؛ فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم, خالدا مخلدا فيها أبدا.. ومن شرب سما فقتل نفسه؛ فهو يتحساه في نار جهنم ,خالدا مخلدا فيها أبدا.. ومن تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو يتردى في نار جهنم, خالدا مخلدا فيها أبدا ) رواه مسلم في صحيحه
هذا الحديث هو سور وحاجز من حديد ألقاه النبي بين من يفكر في الإنتحار وبين إقدامه علي تنفيذ الخطوة .. لأن رجاء كل منتحر أنه سيتخلص من ألمه أو مشكلته بالإنتحار ,فيعتقد أن قتله لنفسه هو من باب ( وجع ساعه ولا كل ساعه ) ثم يستريح بعدها ..
ولكن هذا البيان النبوي يصدم الراغب في الإنتحار ويجعله يفيق علي حقيقة مخيفة وهي أن أداة انتحاره التي سيتألم بها عند قتل نفسه سواء كانت سما أو سكينا أو غيره , ستبقي هذه الأداة القاتلة يتألم ويتعذب بها مدي الدهر وإلي ما لا نهاية . وهنا فالموضوع يحتاج إلي وقفة ..إن المراد هو التخلص من الألم وليس استمراره ..
إن هذا الحديث المحمدي قد منع ملايين الناس عبر الكثير والكثير من الأزمان عن الاقدام على الإنتحار ..
ولولا هذا التهديد والتخويف لرأينا حولنا في كل أسرة شباب يقتلون أنفسهم كل يوم ,وفتيات ينتحرن عند كل صدمة , وفي كل بيت رب أسرة يتخلص من حياته بسبب كثرة الضغوط الهائلة في هذا العصر ..
إني أري هذا الوعيد المحمدي هو عين الرحمة والحنان لأنه يحافظ بذلك علي حياة الإنسان ويقول لليائس الذي يقدم علي الإنتحار ارجع واصبر فنحن نريدك بيننا وحياتك غالىة عندنا وروحك جميلة لا تستحق هذا المصير .. إنك إذا انتحرت لن ترتاح ولكنك ستواجه المزيد من المتاعب ..
إنها الخبرة بالنفس البشرية .. خبرة الأب الذي يعرف متي يدلل أولاده .. ومتي يخوفهم .. ويعرف بحنكة نفسية الولد الذي لو تركت له الحبل علي غاربه سيؤذي نفسه ..فيخوفه وينذره حفاظا عليه ..
وأتعجب كثيرا ممن يدعون التحضر والتطور وفي نفس الوقت يؤيدون الإنتحار بل ويشجعون عليه أحيانا .. والأدهي من ذلك والكارثة الكبري أنهم اخترعوا آلات وأدوات قتل لمن يريد أن ينتحر حتى يتشجع ويقدم علي الخطوة, ويعدونه بأنه لن يشعر بألم لحظة قتله .. ويسمونه ( القتل الرحيم ) وهو تعبير مزيف مثل الظلم العادل ,أو الخبث الطيب, أو الهبل العاقل ..
وتحت مسمي القتل الرحيم واعتبار ان الإنتحار حرية شخصية ومن حقوق الإنسان, بدأت العديد من الدول الأوربية اعتماد وسائل الإنتحار وتسهيل القيام به ,والإعتراف به في مواد الدستور وأصبح الإنتحار حق شخصي لا يستطيع أحد منعه..
والنتيجة ان نسبة المنتحرين في العالم وصلت قرابة 800 الف منتحر سنويا .. أضف إلى ذلك نفس العدد تقريبا ممن حاولوا الإنتحار وفشلوا.. بمعني ان قرابة المليون انسان تفقدهم البشرية كل سنه بالإنتحار.. ومليون آخر ما زال يجرب ..
إنها نسبة مفزعة .. والعدد الأكثر منهم في أوربا رغم أنها دول تمثل الحداثة والتطور والرفاهية .. ومازالت الاعداد في ازدياد ..
ولا شك أن تلك الدول التي أقرت الإنتحار واعتمدت وسائل القتل الرحيم لم يكونوا يقصدون فناء البشرية وإنما اجتهادهم العقلي هو الذي صور لهم أن هذا النوع من الإنتحار من حقوق الإنسان وانه لتخفيف معاناته ..
وانتشرت فى أوربا المراكز التى تقدم الموت ,وأصبحت هناك حقنة القتل الرحيم والتى يغرسها الطبيب في الشخص الذي يريد أسرته التخلص منه لأنه أصبح مريضا ميئوسا من علاجه ..
وتحول إلى عبئ ثقيل مزعج فوق كاهل أسرته ومجتمعه ..سواء ماديا أو معنويا .. فما الداعى من الاستمرار في إنفاق الأموال على مريض قد أقر الطب الحديث أنه لن يشفي ..
فيقدمونه إلى الموت ويعطيه الطبيب تلك الحقنة القاتلة فيموت في دقائق معدودة ..ولا وجود هنا لله ولا لمعجزاته فى الشفاء .. إنها أشياء خارج المعادلة عندهم..
وكم من أب وأم ورب أسرة اختاروا هذا المصير عندما تقدم بهم العمر وزادت عليهم الأوجاع والأمراض وشعروا بالخجل من أبناءهم وأقاربهم فيتقدمون إلى ذلك الطبيب القاتل ويكتبون بأيديهم الإقرار بأنهم يريدون الموت الرحيم ..
ولست أدري ما نوعية تلك القلوب , وأي فظاعة تسكن هذه النفوس التي تتحمل أن تسوق أباهم إلى مركز طبي للقتل! وتتحمل أن تري نظراته الأخيرة لهم وهو يسلم ذراعه للطبيب ليغرس فيه حقنة الموت ..
إنهم جبابرة مهما سالت الدموع من أعينهم ..
ألم يكن من حق هذا الأب أن يري تمسك أولاده به ولو لآخر نفس في حياته .. إن شعوره بتمسك أحبابه بوجوده معهم هو شعور يصنع المعجزات ..هو شعور وحده يجعله يتقبل ويتحمل الآلام لكن برضا داخلي .. ولكن أن يري أبناؤه يقدمونه للقتل وهم يجففون دموعهم ويشيرون له بأيديهم – باي باي –
ثم يعود كل وأحد منهم لبيته وحياته وعشيقه ويحتسون كؤوس الخمر كأن شيئا لم يكن ..علي طريقة ( كلب وراح )
إنه امتهان لحقوق الإنسان ,وإهدار لأي قيمة للذات الإنسانية.. إنها نفس معاملة الخيل العجوز في -الإصطبل – عندما يتم إعدامه رميا بالرصاص أو إلقاؤه إلى الأسود الجائعة في حديقة الحيوانات للتخلص منه ..
إن البشرية ترتد للوراء وهى تظن أنها تتقدم ..بل إن الوراء كان أشد رقة وإنسانية ..
وما أجمل التعبير القروي البسيط الذي كان يقوله أجدادنا ..
( احنا عايزينك ولو عضم في قفه) ..
وما أعظم الفراعنة عندما كانوا يكرمون موتاهم ويحافظون علي أجسادهم ورفاتهم بالتحنيط ..
ولم يقف الأمر عند الحقنة القاتلة بل قاموا باختراع آخر لتسهيل الإنتحار من خلال عقار بنتوباربيتال والذي تسبب في مصرع الآلاف بعد لجوءهم إلى خدمات أكبر منظمتين متخصصتين في مجال الإنتحار (أو ما يسمى بالقتل الرحيم)، حيث إن الطريقة المستخدمة للموت الاختياري هي من خلال تناول مادة بنتوباربيتال الصوديوم السائلة,وبعد تناول هذا العقار، ينام الشخص خلال دقيقتين إلى خمس دقائق، قبل أن يدخل في غيبوبة عميقة، يتبعها الموت بعد فترة وجيزة ..
ثم اختراع كبسولة “ساركو” والتي تقدم نهجا مختلفا للموت الهادئ، حيث تعمل علي إيقاف جميع الأجهزة الحيوية في الجسم دفعة وأحدة دون الحاجة إلى استخدام مواد خاضعة للرقابة. .
وحديثا تم اختراع (كبسولة القتل الرحيم ) وهى عبارة عن كبسولة مصنوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد، تسمح لمستخدمها الراغب في الإنتحار بتشغيلها من الداخل. ويمكن سحب هذه الآلة ووضعها في المكان الذي يرغب الشخص بإنهاء حياته فيه. وقد يكون هذا في بقعة هادئة أو في الهواء الطلق، أو في مبنى أحدى المنظمات التي تقدم الموت للأشخاص الراغبين بالإنتحار.
ولتشغيل هذه الكبسولة، يستلقي الشخص بداخلها – وهي مريحة للغاية. وعلي إثر ذلك، سوف يطرح على الراغبين في الموت عدد من الأسئلة، وعقب إجابتهم، يمكنهم الضغط على زر خاص موجود داخل الكبسولة لتفعيل آلىة العمل في اللحظة التي تناسبهم , كي يتم قتلهم فيها ..
ثم بعدها تمتلئ الكبسولة بغاز النتروجين وينخفض فيها تركيز الأوكسجين إلى نسبة 1 بالمئة ,وتستمر هذه العملية 30 ثانية فقط، وهنا يشعر الشخص بالارتباك وبعض النشوة كأنه تناول مخدر أو عقار هلوسة, وبعدها يفقد الوعي تماما ويموت مختنقا بسبب فقد الأوكسجين ..
وهكذا تطورت أدوات القتل , وتعددت وسائل الإنتحار الحديث
وأصبح موضوع الإنتحار موضوعا رائجا تتسابق عليه المنظمات والشركات ويقدمون فيه العروض والوعود للعميل ( المنتحر ) بإرشادات وإغراءات ملخصها باختصار ( مش هتحس بحاجه الموضوع عندنا زي شكة الدبوس )
وبالطبع عندما يموت المنتحر لا يوجد من يخبرنا بما شعر به من آلام لحظة موته وخروج روحه وهل كانت مثل شكة الدبوس أم صعقة الكهرباء .. المهم ان الزبون لن يصحو مرة أخري حتى يتحدث عما تذوقه في القتل الرحيم ..
والنتيجة هي إقدام آلاف الشباب فى عمر الزهور علي الإنتحار .. وسوف تضيع من الإنسانية أجيالا قادمة بأكملها بسبب هذا الفكر وهذا التطور في التكنولوجيا والذي يصحبه تأخر في المشاعر ..
ولست أدري أى حب في أن تقدم لمن تحبه, الموت ,وتسهله له ..
ولكن ذلك ناتج عن أن فكرهم الالحادي يؤمن بأنه لا شي بعد الموت .. فلا أمل ولا هدف من الحياة ..
وهذا يوافق نفسية الراغب في الإنتحار .. لأنه يريد التخلص من حياته بأي شكل ..لأن الحياة بالنسبة له عبث وألم وحزن لا سعادة فيها , ولذلك يشير النبي في حديثه أن المنتحر كلما ظهرت له حياة بعد الموت أنهاها من جديد , فاذا كان منتحرا بسكين , فعندما يري أن روحه قد بعثت في البرزخ من جديد فسرعان ما يقتل شبحه الأثيري بنفس السكين مرة ثانية , ليظل في كآبة الاحزان ويظل هاربا من ربه الذي اعترض عليه ..
وان كان منتحرا بشرب السم , فسوف يشربه مرات أخري عديدة كلما بعثت روحه ووجد لنفسه إدراكا ووعيا من جديد ..ويظل هكذا ما بين حياة وانتحار إلى أبد الأبدين .. وهذا الآنذار يلقي في نفس المقدم علي الإنتحار تخويفا أن الآلام الرهيبة التي سيجدها عند الإنتحار ليست مرة وأحدة وستنتهي بعد الموت .. بل ان نفس هذه الآلام ستبقي معك وسوف تظل تعانيها بنفس الكيفية إلى الأبد ..هذا التصوير المفزع الذي مهما اجتهد أي عقل بشري لإيجاد تحذير مثله فلن يستطيع .. وليس ذلك إلا لأنه إلهام رباني ووحي مقدس لا ينطق عن الهوي ..
وليس بغضا ولا قسوة علي المنتحر وانما هو حفاظا عليه بأقصي الوسائل..
هذا التوجيه الرباني يتعارض تماما مع التوجه الحديث لتسهيل الإنتحار وتقديم عروض عليه .. استمتع معنا بأحدث وسائل الإنتحار ..
في عيادتنا تموت وأنت في منتهي السعادة ..وعرض خاص للشباب وتخفيض للإنتحار الجماعي ..
شركة موتوا بسرعة, تقدم لكم منتجها الحصري -الموت اللذيذ- وبأسعار لا تقبل المنافسة ..
وغدا تظهر علي الموبايل خدمة -موتني شكرا –
والموضوع ببساطة ان هناك اتجاهين مختلفين ..
اتجاه ديني يقول لك لا تنتحر , الإنتحار جريمة في حق نفسك .. والإنتحار لن ينهي معاناتك .. اصبر فإن الأمل موجود .. وتغيير الحال يحدث في لحظة .. والله أرحم بك من أي شيئ ..
( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء -29
وقد أوجدك الله في الدنيا لهدف وغاية .. قد تكون في يوم ما إنسانا عظيما ينفع الآخرين ..
من فضلك حافظ علي حياتك من أجلنا ..
وإتجاه الحادي يقول لك .. الإنتحار حرية شخصية .. وإنهاء حياتك من حقك في أي لحظة .. ولا يوجد في الدنيا هدف ولا غاية .. ونهايتك هي الموت وبعد ذلك لا شيئ .. وعندنا الشركات والمراكز التي تقدم لك أحدث وسائل القتل ..وما الداعي إن كنت مريضا نفسيا أو جسديا أن تستمر في هذه المعاناة ..لماذا تتعب وتتعب من حولك والحل موجود ..
باختصار ( بلاش تقرفنا وغور في ستين دهيه )
وهكذا فقد بينت لك الوجهتين بكل وضوح ..
فاختر لنفسك ما يحلو ..
وأشهد ان محمدا رسول الله ..
والحمد لربي الذي خلقني من السعداء الذين لا يعكرهم شئ ..
***